[خاطرة] الخليفة المجهول

أعلنت نفسي البارحة خليفة على المسلمين. كم كنت أنتظر تلك اللحظة. تأخر الناس كثيرا على المجيىء لتهنئتي فصبرت ثم غفرت لهم.

ليس لدي وقت للإجابة عن أسئلتكم، أحتاج إلى مزاولة أعمالي فورا. لدي أعمال كثيرة أنجزها اليوم. و قبل أن أفكّر بما سأبدأ به أولا، رنّ هاتفي. إنها أمي. إتربكتُ كثيرا. هل أخبرها؟

أمي سأقول لك شيئا تفتخرين به. لقد أصبحت الخليفة! لقد حققت حلمي. نعم لن تصدقي ما أقول و لكنه حقيقة. هيا أخبريني ما رأيك؟ أطلبي ما تشائين. ولى زمن الفوضى يا أماه والآن بإمكان الناس أن تتنفس الحرية. أرجوك لا تخبري أبي فلنترك الأمر له مفاجأة. أعلم أنه قد يزعجه الأمر لكن سرعان ما سيتقبله. و لا تخبري الجيران، أنا سأخبرهم بنفسي. غدا الجميع سيراني على التلفاز وسأخاطب الجماهير. لدي بعد قليل لقاء مع والي الشام سأحدثك بنتائج الإجتماع فور انتهائه. قبّلي رأس أبي. حسنا مع السلامة.

إنتظرته ساعة و نصف فلم يأت. بدأت أقلق عليه. إستدعيت حاشيتي فلم يجبني منهم أحد. ياه! ما الذي يحدث؟ ألا يجدر بي أن أكون مُحترما من قبل حاشيتي و خدمي؟!

خرجت أبحث عنهم فلم أجد منهم نفرا واحدا. فليذهبوا إلى الجحيم إذن! هببت مسرعا إلى دمشق، و قد أشرف الليل على الإنتصاف. لم أجد ناقتي فركبت السيارة. وصلت قبيل الفجر. كان الحراس لازالوا ساهرين. أوقفني أحدهم.

قال: من أنت؟
قلت: أنا الخليفة. أريد أن ألتقي بالوالي.
قال بلهجة لا مبالية: هل تقصد رئيس الجمهورية؟ إنه نائم.
قال آخر: ما بك أيها الرجل؟ تقول “والي” و “خليفة”. من أين أنت و ماذا تريد؟
قلت: أيقظ الوالي حالا كان يفترض أن أجتمع به بعد العشاء. أيقظه حالا.
قال: مهلا. قف مكانك و إلا أغضبتنا. من أنت و لما أتيت إلى هنا؟ تكلم!

نظرتُ إليهم بإستغراب. وبسرعة البرق رأيت أسلحتهم تُوجّه نحوي قائلين: إبتعد من هنا و إلا جلبنا أجلك.
كيف تجرؤ أيها الجندي على التمرد على أميرك؟ سألقنك درسا لن تنساه. نظرت إلى باقي الحراس: ألا تدافعون عني؟ هل وصل الأمر بكم إلى هنا؟ إبتعدوا عن طريقي. أيقظوا الوالي حالا. ألا تسمعون؟
و إذا بهم يمسكوا بي ويقيّدوا يديّ. و ها هي نبابيتهم تنهال عليّ: تكلّم! من أنت؟

وقفتُ مدافعا عن كرامتي فأبرحت أحدهم ضربا بقدمي على وجهه حتى أدميته. و صرخت بالباقين: تعسا لكم. إنكم جبناء و خونة. سأريكم كيف سأعاقبكم أيها الضعفاء. إبتعدوا عن طريقي إبتعدوا عن طريقي.
فإذا برصاصات حيّة تخترق عنقي و فخذي. تجمّدت عظمة لساني فنظرت إليهم و أنا أسقط على الأرض: تالله أتعلمون من قتلتم؟ و انعصرت دمعة سقطت على مرأى مني على التراب، أنظر إليها لا أدري كيف أبلع ريقي … حتى زاغت عن بصري.