أستغرب الأمر، فهذه القطة تشبهني كثيرا، شقراء، و دائما مسالمة هادئة أليفة، تكاد تضربها فتخبت و تتقوقع. علّمتها أن لا تسكت عن حقها و أن تدافع عن كرامتها لذلك ستراها الآن تستأسد حينا عندما تلاحقها و تحاصرها عصابات القطط في حيّنا. أمام هؤلاء، تستأسد قطتي، و أنا فخور بها. إنها قطة عزيزة مقاومة، و لكن– حلت الفاجعة عندما عادت إليّ ذات ليلة قبيل الفجر، كانت قد جلبت معها قطط أخرى، ليست برفقتها، بل في بطنها! و قلت في نفسي، يا حسرة على ما ربيّت يا رجل.
و لكنها قطة. أفقت اليوم على مشهد فخم – قطتي التي كانت حامل طوال الفترة الماضية قد وضعت أربع قطط صغيرة جميلة. لم أتوقع أن تنجبها على الأرجوحة عند شرفة منزلنا، و إنه لمشهد رائع أن تجد تلك القطط البريئة مكوّمة فوق بعضها من البرد، فتقول سبحان ربي لقد كنت أنا مثل تلك القطط لا أعلم بشيىء لا أدري أخلقت لأكون شقيا أم سعيدا .. لست أدري …
و حان موعد تناول اللبن، فألهمها الله بمكانه و باتت تتصارع على شرابه و أنا أردد “و الله منك هينة يا قطة … من ورايي؟!”
نامت الشقراء و أولادها لا زالوا ينعمون بلبن يخرج من بين فرث و دم، و بدا لي من شكل القطط الصغيرة و ألوانها، أن أمّهم قد “خبّصت” كثيرا تلك الليلة!
و لكنها قطة .. تعرّفتُ عليها ذات ليلة عندما كنت عائدا إلى المنزل قبيل منتصف الليل لأراها على مفرق الحي، كانت صغيرة ضعيفة، ليس لديها “خبرة” في الحياة، و كان شيئا قد ارتطم برجلي، لأكتشف أنها هي. يا لها من جريئة. ناديتها فلحقتني و أصرت أن تلحقني، فحملتها و جئت بها المنزل و تركتها خارج البوابة، و في اليوم التالي كانت لا تزال مكانها. و بقليل من الجبن بايعتني و بتّ سيّدها.
الآن أصبحت أمّا شئتُ أم أبيت، لكني وضعت خطة للإنتقام. إخترتُ هذا المشاكس لأداء المهمة في المستقبل. سأدرّبه لينتقم من عصابة القطط التي راودت قطتي عن نفسها يوما. حرصتُ أن يكون شبيها بوالدته حتى تنطبق عليه مقولة: هذا الشبل من تلك القطة!
و سواء قبل الحمل أم بعده ستظل قطتي هادئة، فتلك هي طبيعتها، و لولا أنها قطة لقلتُ: تأكل القطة عشائها! ..
و لكنها مجرّد قطة ..