ناديتُ عقلي قائلا، أفلا تتكلم؟ سكت واحتقن فلو أنه أراد الكلام لحكى لكنه كالعادة صامت كالأخرس. ما الذي يُحزنك؟ تكلّم! الحق أن تراب عقلي خصبا، لكنه عصي عن الحرث! و جسلت أتفكر يوما لماذا كانت أحداث حياتي كالخمر، إذ تحدث بمنأى مني، و كأنني لست معنيا بها و لا يصح لي أن أجالسها و أشاركها الحديث فأكون من الآثمين. و من هنا جاهدت نفسي فيما لا أطيق و اعتصرت عقلي لأخرج منه قصيدة خاطبَ فيها القدر قائلا:
و كأنني لست معنيّا بحالي.
يحدجني القدرُ بنظرات قاسية إذا نظرتُ إليه،
يلهو على أرضي، لا يبالي،
هل إذن أتوكل عليه؟
قلتُ يا قدر أفلتني أعمل صالحا،
أنا بريئ مما تصنعه يديك.
أنا الطفل الذي شوّهت براءته عمدا،
أنا الشاب تركتني عند الغابة سائحا،
أنا الحرُّ إتخذتني عندك عبدا،
حرام عليك!
و جاءني القدر بهيئة رجل يعاتبني:
ما فعلته عن أمري.
قلتُ و دموع الحزن تسيل مني:
آلآن و قد مضى عمري؟
قال إصبر!
كفى بكاءا كالأطفال!