متربّع خلف باب المطبخ، يحسب نفسه أذكى منّي. نظرت إليه عن قُرب: ما أقبحه من حشرة! إضطربت حنجرتي: أيها الصرصور، ألا تستحي من نفسك و أنت تمضي أوقاتك تتسلل من زاوية إلى زاوية في المنزل من أجل فتاتة خبز و حبة قمح؟ ماذا عليك لو طلبت مني الخبز فأعطيتك الخبز كلّه و ماذا عليك لو طلبت القمح فأعطيتك كل ما لدي من قمح؟ إنها لا تستوي الأمور معك إلا بالطرق الملتوية، لقد بدأتُ حقا أحتقرك و أظنّك تغيظني. لا تنظر إليّ بهذه الطريقة! إنك تسرق من الفقراء و الأغنياء، و من المجرمين و الأبرياء، و في كلتا الحالتين أنت سعيد. لا عجب بأن الناس جميعا يزدرونك .. لأنك حقير لأنك صغير لأنك محتال و جبان و غبيّ، لهذا يحتقروك. أنظر إلى نفسك كيف أنت واقف أمامي الآن كالأبله تظن بأنك تتذاكى عليّ و تتظاهر بأنك لا تسمعني. لا تبتسم إني أتكلم معك! إنك تستفزّني، كفى ضحكا، توقف!
هويتُ بأسفل حذائي على جسمه الأسمر. إضحك كما شئت الآن! نظرتُ إليه و قد استوى مع الأرض و كانت روحه لا تزال معلّقة بجسده. راح ينتفض لدقائق ثم تحوّل إلى جثّة هامدة. آثار الإبتسامة لم تفارق وجهه و لكنها لم تفارقني أيضا، فهي حاضرة في ذاكرتي منذ أسبوعين، بل حاضرة في كل زاوية من زوايا هذا البيت الذي بدأتُ أفكّر في هجره.