إذا كنت تنوي العزوف عن إستخدام سيارتك في تنقلاتك بسبب الإرتفاع الجنوني في أسعار المحروقات، فهذه التدوينة كُتبت لك. سأتحايل عليك في السطور التالية لأقنعك بفكرة إستبدال سيارتك بدراجة هوائية، و لو ليومين في الأسبوع. لا تخف، سأستدرجك لقبول الفكرة دون أن تعلم. صدّقني، ستُنهي قراءتك للتدوينة مُقتنعا بما أقول. يبدو أنك لا تثق في ثعلبي كثيرا. إمنحهُ الفُرصة. هذا كل ما أطلبه منك.
أنا من عشّاق ركوب الدراجات الهوائية إذ أنها رياضة ممتعة جدا، لكن مشكلتي أني أسكن بعيدا عن المدينة، و أن ضيعتي جبليّة، و طرقاتها ليست مستقيمة، لذلك إن آخر ما أفكر فيه أو أضعه في الـ to-do list هو شراء دراجة هوائية. لكن عجزي عن إبتياعها لم يمنعني من عرض الفكرة عليك، خاصة بعد أن إطلعتُ عليها على موقع العربية نت، و إليك الأسباب:
- توقُّع إرتفاع أسعار النفط ليصل سعر البرميل إلى 200 دولار، الأمر الذي سيضع الشعوب العربية غير المصّدرة للنفط في مأزق حقيقي.
- ستتخلص من كتلة الحديد الخبيثة، تلك التي يطلق الناس عليها إسم “سيارة”. فبدلا من أن تكون حرّا في الهواء الطلق، مستقلا في دراجتك، ستقيّدك السيارة بحيطانها الأربعة و أحزمتها الخانقة.
- لن تلف الشارع أربع أو خمس مرات باحثا عن مكان لتركن فيه سيارتك، و لن تنتظر الساعات في إزدحام سير خانق.
- ليس لديك 9000 دولار لشراء سيارة فخمة، و لكنك تملك 200 دولار لشراء دراجة فخمة، أو عادية بسعر أقل – لا تخف.
- حدّث و لا حرج عن السلبيّات الناتجة عن القعود المستمر في السيارة. بينما جمسك ينتج الطاقة عند قيادتك للدراجة.
- سيشغلك الدراجة عن التدخين و العادات السيئة أثناء قيادتها. أما السيارة المكيّفة فباتت ملاذ المدخّنين.
- ستحفظ الطرقات و الشوارع بشكل ممتاز.
- ستساهم في إعطاء الطبيعة حقّها في العيش بسلام!
في حين أن المجتمعات العربية تتحفّظ على كل أمر إيجابي آت من الغرب، و تستورد في المقابل كل خبيث، لست أرى تحرّكا إيجابيا حتى الآن من قبل الإعلام و الحكومات لتحفيز الشعوب على التقليل من الإسراف غير المبرّر في إستخدام الوقود. لعلّهم بحاجة إلى بعض الحقائق عن الدراجات الهوائية:
- أول نوع من الدراجات الهوائية ظهر في باريس عام 1818 ثم مر في مراحل عديدة تطوّر فيها شكله إلى أن وصل لما هو عليه الآن (موسوعة ويكيبيديا).
- تُصنع الدراجات الهوائية من مادة الفولاذ أو الألمنيوم أو الإثنين معا. هذا يعتمد على وظيفة الدراجة أو الشخص الذي يقتنيها (رياضية، للأطفال، للنزهة، للطرق الجبلية، لرجل بدين، لإمرأة، إلخ …)
- منذ عشر سنوات كان في بريطانيا وحدها 20 مليونا يملكون دارجة هوائية، حسبما ذكر موقع البي بي سي.
- نسبة الحوادث المُميتة عند ركوب الدراجة الهوائية ضئيلة، و معظمها ناتج عن إصدام بسيارة (ذات المصدر السابق).
إن كنت للمرة الأولى ستركب دراجة هوائية، لا بد لك أن تجرّها إلى مكان خال من الناس و السيارات و تبدأ تدرّب نفسك على قيادتها. صدقّني إنها أسهل من قيادة الجمل! توقّع أن تقع و تجرح نفسك عدة مرات في البداية، لكن خلال أسبوع كحد أقصى ستقود دراجتك أفضل من قيادة مايكل شوماخار للفيراري. و اعلم يا عزيزي أن البحار الهادئة لا تصنع بحّارا ماهرا.
أخاف عليك. لهذا تقبّل مني نصائح بسيطة تقيك من الحوادث، أيا كان شكلها، لا سمح الله. إتّبع إرشادات السلامة الآتية إذا كنت تحبّني:
- الماء الماء. ليكُن معك دائما قارورة ماء لتعوّض بها ما يخسره جسمك جرّاء التميُّه (hydration). تأكد أنها باردة لكي تروي عطشك.
- إستخدم الغيارات (gear) المُرفقة في الدراجة بشكل سليم، ففي الطرقات الجبلية ستحتاج لإستخدام الغيار الذي يسمح لك بالصعود دون مشقّة، و إلا فستُرهق نفسك. هذا يكون جزءا من التدريب الذي ستقوم به.
- من الضروري جدا أن ترتدي خوذة السلامة على رأسك أثناء القيادة، و إلا فإن رأسك معرض للخطر جراء أي ضربة.
- الصيانة ضرورية بين الحين و الآخر. الدراجة الهوائية كالسيارة، لا تُهملها حتى لا تتعطّل فتتسبّب في وقوع حوادث معينة.
- إنبته لغيرك. إستخدم الضوء أو الجرس عند قيادتك للدراجة لتُنذر الناس أو السيارات بأنك تمر من المكان حتى لا تكون أنت أداة وظيفتها الإرتطام بالآخرين.
- قُد دراجتك على الرصيف. بما أن في البلاد العربية لا يوجد طرقات مخصصة للدراجات الهوائية، فإنه يتوجب عليك إحدى الخيارين: إما أم تقود دراجتك على الرصيف، و إما أن تقودها على جانب الطريق، و لكن حذاري من الإقتراب من السيارات، لأنها قد تقف في أي وقت و قد يُفتح بابها فجأة. كُن حذرا.
أختم أخيرا بأخبار صادفتُ أن قرأتها أو شاهدتها على التلفاز. أولا المحجّبات يقُدن الدراجة الهوائية في الدانمراك. ثانيا، حكم ركوب المرأة الدراجة الهوائية أو النارية، و هي فتوى قرأتها على موقع الشبكة الإسلامية. ثالثا، شاهدت عدة مرات و قرأت أن النساء المسلمات في ماليزيا يركبّن الدراجات النارية بشكل طبيعي (نعم. الناريّة!)، و يتنقّلن بها من بيوتهن إلى أماكن العمل.
هذا كل ما لديّ في جُعبتي من كلام. لكن مهلا! ما لي أراك تفتح الباب متوجها إلى محل بيع الدراجات؟! أسمعك تضحك في سرّك و تقول “أيها الثعلب!”