كلّ يُؤخذ من قوله و يُردّ إلا صاحب هذا القبر (في إشارة إلى قبر النبي عليه الصلاة و السلام) .. هذا ما قاله الإمام مالك أكد عليه الأئمة الأربعة لدى المسلمين. يحزّ في قلبي أن واقع التديّن في أيامنا هذه مختلف عن ذلك .. وبات من السهل على أي شخص أن يُصدر فتاوى بالتحريم أو التحليل لأي أمر، لمجرد أنه سمع رأي هذا الشيخ أو ذاك.
المسائل الفقهية لا يمكن إعتبارها كالأعمال الرياضية (1+1=2) .. هنا الأمر يختلف. فقد تكون الإجابة 11 أو 2 أو الإحتمالين معا، و هذا يعتمد على إجتهاد العالم، و من لم يعرف الإجابة يقول الإمام علي: لا يستحي عالم إن لم يعلم أن يقول “الله أعلم”.
و كان الإمام أحمد بن حنبل لا يحب أن يحلّل و يحرّم مباشرة و يبتعد عن كلمة “حرام” و لكن يأتي بتعبيرات أخرى؛ فمثلا حينما سأله شخص عن صلاة الوتر قال “لا يتركه إلا رجل سوء”.
لذلك أنا لا أؤمن بتعليب أحكام الدين، و هذه أمثلة بسيطة:
1- الكلب نجس! هذه العبارة يرددها الصغير والكبير، سواء كان فقيها في الدين أو غير ذلك. و قد يستغرب بل و حتى يستنكر الناس إذا قيل لهم غير ذلك، و إن كان ذلك صحيحا على مذهب الإمام مالك!
2- حرام أن تشرب الماء و أنت واقف (قائم). ربما الأمر مكروها، لكن من أين أتى التحريم؟
3- مصافحة الرجل للمرأة يُنقض الوضوء. إن مسألة نقض الوضوء لا يوجد فيها رأي واحد. فعند الحنفيةّ مثلا لا تُنقِض الوضوء، و العكس عند الشافعية و الحنابلة.
4- المولد النبوي بدعة. كلمة “بدعة” ليست بالكلمة الهيّنة .. ما دام هناك علماء كبار يقرّون أن الإحتفال بالمولد النبوي جائز.