ثقافتان يطغيان على العالم العربي: رفع القميص، و خفض البنطلون. في زمن لم يعد فيه الكبت محصورا بالجنس أشكرك كثيرا أبو تريكة بإسم الشعب العربي. لقد عبّرت عن المكبوت و ذكّرتنا بواجبنا تجاه القضية الفلسطينية. لا عجب أن حركة صغيرة يقوم بها شخص ما في التوقيت المناسب و بحكمة كبيرة، تُلهب شعور الملايين في جميع أقطار العالم العربي. كل ما فعله هو رفع القميص!
أكد اللاعب المصري محمد أبو تريكا – كما ورد في خبر على الجزيرة – خلال زيارته إلى دبي، بعد المبارات التي خاضعها مع منتخبه المصري ضد السودان، أن كشفه عن القميص لإيصال تلك الرسالة كان مجرد تعبير عن واجب ديني. رغم أنها كانت مجرد ردة فعل بسيطة و عفوية يكنّها المسلم نحو أخيه، إلا أنها لاقت صداها في قلوب ملايين العرب والمسلمين، و أهل غرة بالتحديد. لقد برهن أبو تريكا أن النضال من أجل قضية ليس محصورا في نشاط معين أو في فئة معينة من الناس، بل يمكن لأي إنسان أن يقوم بذلك. المفارقة هنا أن ما قام به أبو تريكا جاء في التوقيت المناسب و بالشكل المناسب.
في حديث مع إحدى القنوات المحلية اللبنانية صرّح ممثل حماس في لبنان أسامة حمدان بما معناه: “لربما كان لحركة أبو تريكا تأثير أقوى من عملية إستشهادية، أو خطاب سياسي مدوّي، لأنها جاءت في التوقيت المناسب.”
و قد تلقى اللاعب المتألق أبو تريكا بطاقة صفراء جراء فعلته هذه بحجة أن إتحاد الفيفا يرفض إقحام الرياضة بالسياسة. لكن لعمري، ما شأن اللاعب الغاني الغبي بانتسل (Paintsil) الذي رفع العلم الإسرائيلي في إحدى مباريات كأس العالم الفائت، لم يتلقى أي تحذير من الفيفا تلقاء ذلك. و بما أنه يلعب في الدوري الإسرائيلي، لا يعني ذلك أنه يحق له رفع العلم لأن لا معنى نهائيا في تصرفه هذا! هل تحتاج إسرائيل لتعاطف دولي؟! على ماذا؟
و قد شاع خبر عقب المبارات أن محرك البحث غوغل (Google) قد حذف صورة أبو تريكا من بياناته إستجابة لضغوط إسرائيلية، ثم عقبه خبر آخر جاء بعد أسبوعين تقريبا، تنفي فيه شركة غوغل (الذي يكون أحد مؤسسيها يهوديا) أنها حذفت الصورة من محركها، و تأكد أن الصورة موجودة و يمكن للجميع الحصول عليها. و بالفعل الصورة الأولى في هذا المقال عثرت عليها بعد أن بحثت في غوغل.
أخيرا، لست من متابعي أخبار رياضة كرة القدم لكن رأيت أن واجبي أن أنقل لكم إنجازا كهذا، و إن كان بسيطا بالنسبة لي، لكن مفعوله كبير خاصة إن تكرر من أناس آخرين في مجال شتى في الحياة. وفقك الله يا أبو تريكا، لقد أثلجت قلوب الجميع. أخيرا أقول مبروك لمنتخب مصر رغم أني لا أدري على من فاز و بأي كاس! .. إقبلوها من جاهل في كرة قدم.