(إلى فتاة ألهمتني فكتبت) تحسدني الكلاب على وفائي لك, وتغار القطط من رقّتي. أصبر عليك كشجرة صفصاف صامدة في جليد الشتاء. أقصى عليك كثلج عرّى الأشجار من أوراقها لكي تتخطى السقيع. أحوم حولك كعقاب وجد فريسة في صحراء. أحضنك بتروّي حين تجف مشاعرك, كحيوان مفترس يحضن ذرّيته بأنيابه. أهجرك حين تثور مشاعرك, فالأسد إذا ثارت عليه لبوته قتلها. لست أسدا. لست كالبشر. أبكي حين تضحكين, خيفة أن تتوقفي يوما عن الضحك. أضحك حين تبكين, لأنني عجوز إكتشف معنى الطفولة فيك. لقد أدمنت.
أكره البعوضة التي تمصّ دمك. يخفق قلبي إذا رأيتك تستمعين للعصافير. تلتهب مشاعري عندما تداعبين القطة بيديك. أبلع ريقي حين تضعين اللقمة في فمك. أغمض عينيّ عندما تنظرين إلى غيري. أضغط على أسناني حين تشمّين زهرة. لقد أدمنت.
يتعاطاني تشنّج في تفكيري: يأبى العقل أن يستسلم للنوم فيتخلى عنك. ترفض المهدءات أن تهدئني حين تراك تسبحين في أفكاري. لم تعد أعضائي تتجاوب مع الأدوية. إحتار الأطباء. لقد أدمنت.
مشكلتي أنني إعتنقت العشق … فيه تكفر الفلسفة بالمنطق, ويرتفع صراخ الجنون. تنتحر فيه طيور الحب في وحدتها. يفقد الحياء صوابه, وتُهلوس الذاكرة, وتُسجن الكلمات المسمّمة وتُجلد, ويُطلق سراح الجسد فيصبح لغة محكيّة. مشكلتي أنني أدمنت.
أدمنت عليك فلا تقطعي نفْسك عنّي. أدمنت على عيناك العسليتان ويداك الحنونتان وصوتك المشرق وشعرك الخجول ودمك النقي وجسدك الحار. إبقي معي إلى الأبد. لا ترحلي.
لا ترحلي عني فيهرب النوم معك, فتحمرّ عيناي وتتكحّل جفوني بالسواد. لا ترحلي فتزرقّ شفتاي من الجفاف. لا ترحلي فتهين عظامي ويشتعل رأسي شيبا من قلة الأكل. لا ترحلي فأفقد الجنون الذي أعتاش منه والتناقد الذي يحييني واللاتوازن الذي يواسيني والخجل الذي يلوّن حياتي. لا ترحلي فتصاب أقلامي بالإكتئاب وتعتزل, و تيبس أوراق دفاتري وتنتثر, وتجف أفكاري فتنتحر.